الاثنين، 31 مارس 2014

مشهد 6


 
استيقظ من نومه فى الثالثة صباحا وهو يشعر بحالة إعياء ما إن وصل إلى الحمام حتى تقيأ مفرغا معدته و العالم يدور من حوله فتوضأ وصلى ركعتين ثم عاد إلى سريره متمنيا أن يأتى النوم سريعا كى لايشعر بأى شئ!

 لكن النوم أبى أن يغمض جفونه حتى أذن لصلاة الفجر تحامل على نفسه كى يصلى ثم عاد إلى سريره مرة أخرى وهو يشعر برعشة تنتاب جسده وشعوره بجفاف حلقه و بإرتفاع درجة حرارته يزداد لكنه يخشى أن يشرب كوب ماء كى لا يضطر أن يترك فراشه مرة أخرى فهو لايقوى على الوقوف!

يحاول أن يغمض عينيه فإذا بصوت شيرين يهمس بداخله :
ياليالى روحى لحبيبى وناديه
وأمانة عليكى تقوليله حالى ايه
من يوم غيابه و روحى رايحه عليه
مانمتش عيونى وإن ناموا يحلموا بيه
ياليالى روحى له عن شوقى ونارى احكى له
يا يجيلى يا إما أجيله
وقوليله كفايه ويخلى لبعده نهاية

فيتنهد متألما ونفسه تحضتنه مواسياةً إياه وعينيه تجاهد من أجل إبقائه مستيقظا ليحدث نفسه عما به لكنها ترتخى على غير إرادته وهو فى هذه الحالة رآها أمامه تجرى عليه بلهفة لتعلم ماذا أصابه؟! تحدثه فلا يستطيع أن يجيب تلمس بيديها جبهته فتشعر بحرارة جسده فتذهب وتحضر ماء مثلجاً وقطعة من القماش وتجلس بجاوره والقلق ينتابها فتقبل شفتيه فترى شفتيه تهمس بإسمها معاتباً إياها على الغياب
فقالت له: إنى بجاورك
فتفتحت عينيه قليلا وقال لها : ماذا عما مضى من العمر؟!
قالت: ألا تكف عن العتاب؟!
قال: أإلى الآن لما تدركى مدى إفتقادى لك طوال تلك السنوات؟!
قالت مبتسمة: بل أنا من افتقدت وجودك فى حياتى!
اغمض عينيه مكملا البحث عنها فى أحلامه ومواصلا الحديث عن برد أيامه فى غيابها
فتنظر إليه وعينيها خائفتين فإذا ببسمة ترتسم فجأة على شفتيها وهى تتذكرحديثهما وكيف طالبها أن تساعده لجعل الخيال واقع فينبتا سويا شجرة الرومانسية فى صحراء واقع يحيط بهما حمل أمانى وأحلام سابقة لأناس لم يستطيعوا أن يرووا الشجرة فى زحام الحياة! وكيف أنه خائف على عدم جعله لتلك الخيالات المرسومة فى عقله حقيقة!

استيقظ على ظهر اليوم ليجد نفسه بين أحضانها وخصلات شعرها مسدلة على عينيه حاجبة عنه نور الشمس ففرك عينيه غير مصدقا هل هى حقيقة أم أن حالة الإعياء هى من تصور له ذلك؟!

بينما هو فى تلك الحيرة استيقظت مبتسمة وهى ترى تحسن حالته وتلمس إنخفاض حرارته فترفع رأسه وتضعها على الوسادة قائلة له أنها ستعد له شيئا ساخنا يعوضه ما فقده من سوائل فامسك يدها وهى تبتعد فعادت إليه طابعة قبلة على وجه قائلة لن أتأخر!

امسك هاتفه وجلس يكتب تلك المشاعر المختلطة بين الخيال والواقع الذى مر عليه فى ساعاته الماضية على صفحته بالموقع الإجتماعى فيس بوك وما إن انتهى من السرد حتى ابتسم لتوقعه ردود الأفعال ما بين قارئ معجب وقارئ ممتنع عن إبداء رأيه وآخر ساخراً من أوهامه التى يحيا فيها بعيد عن الواقع!

فيقول لنفسه ليتهم يدركون أن ما كتب ليس إلا قشور! ليتهم يؤمنوا بما يكتب ويجعلوا الخيال حقيقة تثمر! ليتهم ....

هنا عاد الإعياء ينتابه من جديد وترتفع درجة حرارته مرة أخرى فيجدها قد حضرت أمامه ممسكة بكوب ساخن وساحبة من يده هاتفه قائلة إن هذا الهاتف هو سبب تعبك!