الجمعة، 14 أكتوبر 2011

ساعات من التأمل 28 - حديث بحر

 

أجمل مافى البحر هو أنك تعود منه فى حالة من الإسترخاء البدنى والهدوء النفسى الذى تتمنى أن تصل إليه فى ظل أجواء مشحونة بالكثير من الأحداث هذا على المستوى العام التى تمر به البلاد بالإضافة إلى ما يعتريك ويؤثر فيك من أحداث تمس حياتك ...الشخصية وصراع دائم بينك وبين نفسك فتارة يغلب الخير الذى بداخلك على الشر الكامن فيك وتارة يحدث العكس! و بمجرد نزولك إلى البحر فاردا ذراعيك حتى تجد آلاف بل ملايين من قطرات الماء فاردة لك أحضانها تريد أن تضمك لتقوم بعمل مسح كامل لكامل جسدك وعقلك باحثة عن كل همومك وآلامك بعدها تقوم هذه القطرات بإمتصاص كل ما يشغل بالك وتدغدغ كل جزء من جسدك فتطرد كل آلامك وأشجانك وتبث بدلا منها رياح السلام والطمأنينة

قد يقول قائل ماهذا الذى تقول ؟ أيفعل البحر ذلك ؟! وكيف لا أشعر بمثل هذا الشعور ؟!
نعم البحر هو بمثابة جهاز أشعة ربانى وفى نفس الوقت هو مرآة لما تبحث عنه فإن كنت تبحث عن الراحة والهدوء سيعطيك إياه وإن كنت باحثا عن جرعة زائدة من النشاط سيفرغ منك هذه الطاقة خلال قيامك بالسباحة حتى لا يترك بك أى شحنات زائدة قد تؤثر عليك سلبا أما كيف لا تشعر بذلك فهو أنك دائما منشغلا ذهنيا بكثير من الأفكار والأحلام التى تسعى جاهدا إلى تحقيقها لكن لو أعطيت نفسك بعض الوقت لتتدبر جمال الطبيعة حولك وتدرك مدى النعم التى سخرها الله لك لأدركت مثل هذه المشاعر كل ما عليك هو أن تبسط جسدك فوق سطح الماء ولا تشغل تفكيرك بأى شئ سوى التفكير فى الهدوء وأجعل أذنيك مغرقتين فى الماء أو بالكاد فوق سطحه واسمع جيدا صوت البحر وهو يحدثك ستتفاجأ بأنه يقول لك:

يا الله! ما أثقلك يا أبن آدم ! ما تلك الهموم والحمول !
إلقى إلى بها ودعنى أغرقها فى أعماقى علها تموت فلا تجد ما يشغلك عن تدبر ملكوت الله وتقر بمدى جهلك!
أترى كل هذه السفن والزوارق أتستطيع أن تحملها فوق كتفيك؟!
أنا أقدر لكن مثل هذه الأثقال لا تتعبنى بقدر ما تتعبنى أثقالك التى تحاول موجاتى نزعها من فوق كاهلك لا أقوى على حملها فكيف بك ؟! أليس لبدنك عليك حق؟!
خفف من أحمالك فالدنيا أهون من هذا لاتسعى جاهدا فى البحث عن ما يزيد أحمالك عش خفيفا حتى ترى جمال الدنيا وما فيها!
أبحث عن الجمال فى كل شئ حولك وإذا رأيت يوما قبحا حاول أن تغيره ليصبح جميلا أما إذا لم تستطع فعل ذلك غض بصرك وولى وجهك عنه ولا تجعل القبح يشغل تفكيرك فيفسد عليك بهجة الحياة!
أعلم أنك ستقول عنى واهم أو حالم لا أعيش معك على الأرض لأرى ما يفعله البشر ببعض ولكنك بهذا تنسى أن الناس يأتون إلى أفواجا شاكين لى همومهم ودائما وأبدا أرد عليهم بأنهم هم من يثقلون على أنفسهم الحمل فلا يتعظون ويذهبوا ويأتوا مرة ثانية وثالثة دون أن يحاولوا سماع النصيحة فهل تسمعها أنت؟
أفلحت إن فعلت!