الأحد، 4 سبتمبر 2011

ساعات من التأمل 26 - سحابة الأحزان



هبت على سمائى سحابة ملبدة بأحزان لا أدرى سبب لها كلما حاولت الهروب منها تبعتنى أينما ذهبت كما هو غريب أمر هذه السحابة تهجم على دون سابق إنذار من فترة لأخرى ربما تكون ملامحى التى بها مسحة حزن تعمل كالمغناطيس كلما بعدت عنى جذبتها نحوى مرة أخرى!؟
وعملا منى بمقولتى التى كتبتها منذ عام تقريبا بأن على الإنسان مواكبة أجوائه الحزينة إحتفالا بقدومها ورغبة منه فى سرعة رحيلها أستسلم جزء كبير منى لها كى تطير بى أينما أرادت لكن يقف جزء آخر منى لازالت به بعض القوة يحارب أملا فى دفعها عنى وفى ظل هذه المعركة أجلس متفرجا ومتأملا لما يحدث فإذا بى أسمع أصوات نحيب وبكاء فألتفت يمينا ويسارا باحثا عن مصدر هذه الأصوات فلا أجد شئ فكاد أن يجن عقلى أين هى إذا تلك الأصوات فحاولت أن أجمع شتات عقلى ربما أجد ذلك المصدر
وفجأة .......!!

سمعت صوتا قادم من بعيد كصدى صوت تكاد أن لا تسمعه أذنى يقول
أنا هنا ألا تعرف صوتى
قلت: أين أنت يا هذا إنى لا أرى وجهك ومن تكون أنت؟
قال: لقد أرسلونى مرسالا لك علك تنقذهم ممن هم فيه
قلت: من هم؟ ولماذا لم تجب عن سؤالى
قال منتحبا: كيف لا ترانى!؟ وكيف لم تتعرف على صوتى!؟
قلت: يا هذا إنى بى ما يكفينى أجبنى ولا تكثر من الجدال فأنا ليس بى قوة ولا صبرا له
قال: ضع أذنك على صدرك وستعرف أين أنا؟ أغرس يدك بداخلك وستتلمس ملامح وجهى
قلت: ألا تكفينى تلك السحابة الحزينة فيأتى عقلى ليلاعبنى بألغازه
فهززت رأسى لأنفض عنها تلك الوساوس لكن هيهات هيهات
وبدأ ذلك الصوت يصبح أكثر وضوحا وأصبح بكائه أشد وطأة على ماذا حدث؟ قلت متسائلا بينى وبين نفسى
 فرد على ذلك الصوت مرة أخرى
لا تتجاهلنى فكم أكره أن أكون بحاجة إلى يد تأخذنى بين أحضانها وتربت فوق رأسى فى حنان لتشعرنى بالأمان
قلت : ياهذا إنى لا أملك هذا لنفسى فكيف أوفره لك وأنا بحاجة إليه
قال: ألازلت لا تدرى من أنا!!؟ أنا هو سجين جسدك الذى يرغب أن يخرج من خلف قضبانه ليتنسم عليل الحرية وأصرخ فى ذلك الكون الفسيح الذى تعيش فيه فتسمع صرختى أقصى أطرافه شرقا وغربا
قلت: آآآآه ....آآه يا ويلى !! هذا ما كان ينقصنى ! ألم تكفيك صراخاتك التى تكاد تصم آذانى وأحاول فى كل مرة أن أهرب منها!  أصرخ كيف تشاء لكن إعلم أنى لن أسمح لصوتك أن يعبر ذلك الحلق واحذر أن تتمادى!
قال: إنى أصرخ منذ آلاف الأعوام لكن شيئا لم يتغير لا أحد يريد أن ينصت لى حتى أنت يا من أسكن بداخلك تهرب منى وتتجاهلنى وهذا أكثر ما يعذبنى كيف نكون نفسا واحدة ولكن كلا منا يعيش فى عالمه!
قلت : وماذا تريدنى أن أفعل؟! فعندما أستمع لصراخاتك أتمزق لكن ليس بيدى شئ!
 أتعلم كم أرغب أن أجد قوقعة أدفن بداخلها أختبئ فيها عن كل العيون ولا أرى فيها أحداً أو أذهب إلى مكان لا يسكنه بشر أنعزل فيه عن ذلك العالم الذى اشعر فيه بغربتى!
قال: وماذا يقف فى طريقك على الأقل عندها نستطيع أن نقف سويا نصرخ كيفما شئنا دون أن يلحظ أحد دون أن نخجل دون إهتمام بأحد و ربما نجد ضلاتنا هناك ونستطيع أن نستأصل تلك الآلام وندفنها فى أعماق سحيقة كى لا تجد منفذ تهرب منه وتلاحقنا مرة أخرى
قلت: وماذا أفعل فى عملى؟!
قال: هذا هو عيبك تزيد حمولك حمول وتجهد نفسك دون فائدة! أنظر حولك وتعلم أن تكون مسئولا غير مسئول!
قلت: ليتنى أستطيع! والله لولا تلك السحابة سامحها الله وحالة الإستسلام لها ما كانت صراخاتك أسمعت آذانى و ....
أين أختفيت يا أنا؟
لم أجد إجابة حيث حدث إندماج فى العمل واختفت فجأة تلك الأصوات لكن لازالت سحابة الأحزان حاجبة أشعة الفرح عن سمائى والغريب هو الشعور ببعض الراحة والسكينة بعد ذلك الحوار وانعكس ذلك فى حالة صفاء ذهنى جعلتنى أسجل ماسبق واصفا ما مررت به لكن دون الوقوف عند الأسباب ودون رغبة منى فى تحليل للوضع
لن يستطيع عقلى أن يصرح بما يعتريه أكثر من ذلك ولكن قد يستعير مقولة عمنا صلاح جاهين ليختم به هذه الفضفضة حينما قال:
"أنا شاب لكن عمرى ألف عام ... وحيد لكن بين ضلوعى زحام ... خايف ولكن خوفى منى أنا ...أخرس ولكن قلبى مليان كلام ...وعجبى !!!"