الجمعة، 2 نوفمبر 2012

فى رحاب الكتب - صالح هيصة




الصفحات الأربعين الأولى فى الرواية يغلب عليها وصف الأماكن والشخصيات بشكل زائد يبعث الملل عند قرأته أحيانا إلا انك فى نهاية الرواية تجد أن هذا الملل مقصود به بعث روح البحث فى داخلك عما يميز هذه الراوية ! فيجعلك فضولك تزداد إلتصاقا مع أحداثها التى تؤرخ للأحداث المصرية والعربية من عهد الملك فؤاد إلى عهد مبارك فى خيط رفيع لا يرى أحيانا أنه ذا مغزى سياسى ويرتبط موت البطل بمعاهدة كامب ديفيد وإن كنت لا اتفق على الربط فالموت حدث ويحدث كما عبر عنه فى الراوية بكثرة القراصنة الراغبين فى المريسة والتسلطن ولهذا يعيش العرب فى كنف القوى الغربية رغبة فى الوصول للحكم حتى وإن وعوا أنهم مجرد خفراء وأدوات لقمع الشعوب وبعد المعاهدة وموت البطل تتوالى الأحداث دون رغبة أو إن شئنا دقة دون جدوى ذكر الأحداث !!

صالح هيصه هو شخصية تاريخية تجدها فى كل زمان ذلك المجذوب الذى حرر نفسه من كل القيود سوى فعل ما تأمره به نفسه الحرة التى ترفض الخضوع لأى قيد ومن يرفض الخضوع إلى القيود هو مجذوب من وجهة نظر مجتمعه القائم على الزيف والعبارات المنمقه التى تخفى الشر المكنون داخل النفوس والدخان الأرزق الذى يغلف الأجواء ما هو إلا إنعكاس لتلك الحالة الضبابية التى تحياها الشعوب سواء كان ذلك بيدها عندما يهربون من مشاكلهم لتعاطى الحشيش أو بيد حكوماتها من تغييب للوعى وشغل تفكيره فى أمور تزيده إنشقاقا ولعلى هنا أسجل الفائدة الوحيدة التى خرجت بها مصر من  فترة الإحتلال الإنجليزى لمصر ألا وهى إتقان سياسة فرق تسد !!

 ما سبق هو وجهة نظرى فى هذه الرواية الرائعة وحتى تتيقن عزيزى من ذلك ما عليك سوى قراءة المقتطفات التالية على لسان بطلها صالح هيصة :


*ربنا خلق الدنيا هيصة! وخلق فيها بني آدم هيصة! كل واحد في هيصة!.. بيعمل هيصة! عشان يلحق الهيصة، ويا يلحق يا ما يلحقش!.. وكلهم كحيانين!.. بس كل واحد كحيان بطريقته!.. وأنا ملك الكحيانين!.. عشان كحيان بكل الطرق!.

*أكبر مصلحة ليك يا بيه إن اللى
 حواليك يتعاملوا معاك على إن مفهوميتك على قدك حيبقوا حلوين معاك وآخر فل! بالهم يطمئن من ناحيتك ينسوك يسيبوك فى حالك وده أول مكسب! يتكلموا على راحتهم قدامك! فتعرف دواخلهم وأوضهم الضلمة !!

*الشر كله ماشى فى الشارع مزاملك فى الشغل قاعد معاك على القهوة ويمكن يبات معاك على سريرك! بس مكنون عنك! إمتى يقلب عليك وبهاجمك؟ تو ما يحس إنك بتعرف! بتفهم! بتشوف! خلاص بقيت عدوه رقم واحد ! إنما أنت لو ذكى قدام الشر يا تكون قده وتقدر تواجهه. يا إما تسالمه زى ما المصريين بيعملوا !!

*لايمكن أن يعيد العرب إكتشاف قوتهم طالما بقى العرب مصابين بداء السلطة وعشق المريسة والإمارة سيظل العرب أبد الدهر يعيشون فى ركاب القوى الخارجية التى تمكن كل قرصان فينا من الإمارة وما أكثر القراصنة المستعدين للتسلطن حتى وإن وعوا بأنهم مجرد خفراء وأدوات قمع لشعوبهم!!