السبت، 22 يونيو 2013

فى رحاب الكتب - مدخل الفقه الإسلامى 2



حاليا أستعد لخوض إمتحانات تيرم أول كلية الحقوق - دعواتكم بالتيسير والتوفيق - وبما أن المادة الأولى بعد غد وهى مدخل الفقه الإسلامى (تاريخ التشريع وأهم النظريات الفقهية) للدكتور محمد نجيب عوضين وجدت بعض الأسئلة وإجاباتها التى أظن أن من الأفضل مشاركتها مع الغير وسأقسمها إلى عدة أجزاء منعا للإطالة التى لا يحبذها البعض

 ما هى المناهج التى اتبعت فى تدوين السنة والعلوم التى ألغت لكشف الكذب فى سنة النبى صل الله عليه وسلم؟
الإجابـــــــــة


بداية التفكير فى التدوين المنظم والرسمى للسنة ومراحله :
وقد كانت بداية ذلك فى القرن الأول الهجرى وبداية الثانى عندما طلب عمر بن عبد العزيز من واليه بالمدينة « محمد بن عمرو بن حزم » أن يكتب حديث رسول الله وسنته خوفا من ذهاب العلماء ودروسهم أى اندثار العلم ، وقد بدأ والى المدينة فعلا فى تدوين جانب من الأحاديث قبل أن توافى عمر بن عبد العزيز المنية . والتى كانت محاولته بداية دفعة وإقبال شديدين من العلماء بعد أن أشتدت حاجة الناس إلى هذا التدوين .. بعد شيوع الرواية وتفشى الكذب . وبعد اتساع دائرة الاجتهاد وظهور المدارس الفقهيه والسنة مادة الفقه ومصدره.
وقد كان للعلماء الذين استمروا فى تنفيذ المهمة عقب وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز منهجا وأسلوبا فى تدوين السنة يعتمد على وحدة الموضوع الذى يربط عملية جمع الأحاديث ، وليس وحدة الراوى حتى أنه كان يمكننا أن نرى فى كتب السنة مجموعة من الفتاوى من أقوال الصحابة والتابعين وأقضيتهم من خلال الأحاديث .
أولا: أشهر كتب السنة التى ظهرت فى تلك المرحلة الأولى للتدوين اعتمادا على وحدة الموضوع :
موطأ الإمام مالك :
يعد أول تدوين حقيقى متكامل ظهر للسنة على يد الامام مالك بن أنس الذى ظهر فى كتابه « الموطأ » الذى صنفـه وقد توخى فيه القوى من أحاديث أهل الحجاز الذين عايشوا النبى وأخذوا عنه وعن صحابته - ومزج موطأه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين وقد رتبه وفقا لترتيب أبواب الفقه فكأنه جمع فيه بين المصدر وما استنبط منه فمثلا أحاديث باب الطهارة ثم أحاديث العبادات من صلاة - صيام - زكاة - حج. وهكذا باب النكاح والفرائض ثم المعاملات وحتى نهاية أبواب الفقه لذا اعتبر الموطأ كتاب حديث وفقه بل ذهب البعض إلى أنه أول مؤلف تحدث فى التفسير وغيره من العلوم، وقد تواترت شهرة هذا الكتاب الذى جمع آلاف الأحاديث فقد وصفه الامام الشافعى « بأنه ماظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك » ومما يشهد له اعتماد البخارى ومسلم شيخا صحاح الأحاديث عليه وعلى أحاديثه .
وبحق فان الموطأ أوضح تدوين وأول كتاب ألف فى الاسلام كانت مادته أساس تدوين السنة . ثم تبع ظهور الموطأ استمرار حركة ونشاط تدوين السنة وجمعها ..ففى نهاية القرن الثانى الهجرى ظهر أسلوب جديد فى جمع السنة وتدوينها .
ثانيا: أسلوب المسانيد (وحدة الراوى ):
وأسـاس هـذه الطريقـة هـو ترتيـب جمـع الأحاديـث وفقـا للرواة والسند أى تسلسل الرواية بدء من الراوى الأول الذى تلقى الحديث عن الرسول ثم نقله عنه حتى دون. فمثلا مسند أبى هريرة وفيه أى فى الباب من الكتاب ما يسمى باب مسانيد أبى هريرة يجمع صاحب الكتاب كل الأحاديث التى رواها أبو هريرة بغض النظر عن الموضوعات وتنوعها التى يشملها هذا التجميع للراوى فأساس هذه الطريقة وحدة الراوى وليس وحدة الموضوع كالطريقة السابقة. فيضم الكتاب مجموعة من المسانيد كمسند أبى بكر وأبى هريرة وغيرهم ، ومن أشهر هذه المسانيد « مسند الإمام أحمد بن حنبل » .
ومما يميز هذه المسانيد أنها خلصت للأحاديث دون تعرض للفتاوى أو أقوال الصحابة .
ثالثا:ظهور كتب الصحاح :
وقد ظهر أيضا خلال هذا القرن الكثير من كتب السنة التى نهجت نهج موطأ الامام مالك فى الترتيب من حيث وحدة الموضوع ومنها كتب الصحاح.. كصحيح الامام البخارى ، وصحيح مسلم ، وسنن أبى داود وسنن الترمذى ، وسنن النسائى وركزت هذه الصحاح فى المقام الأول على أصح الأحاديث التى وردت فى الموضوع الواحد.
ثم لما كثرت كتب تدوين السنة كان التركيز خلال القرن الثالث الهجرى التمييز بين الصحيح وغير الصحيح من الأحاديث بالتروى فى الرواية والتثبت منها.
ظهور العلوم التى تبين ضوابط الصحة فى الأحاديث من عدمها:
فكان أن ظهرت علوم عديدة تحدد شروط قبول الحديث ، وشروط الرواية والعدالة ، وحال رواة الحديث من حيث العدالة والضبط وبينوا درجات ومراتب الأحاديث من حيث قوة السند أو ضعفه ومن هذه العلوم علم الجرح والتعديل الذى تعرضنا سلفا له ، وعلم مصطلح الحديث ، علم غريب الحديث، كذلك كتب الضعفاء أى ضعفاء الرواة حتى لا يأخذ الناس عنهم ويحذروهم فى الرواية - بل رتب العلماء ممن تخصصوا فى هذا المجال الرواة من حيث القوة والضعف إلى مراتب تتدرج من حيث القوة والضعف حتى لا يترك الباحث الحديث القوى إلى الحديث الأضعف فى سنده وروايته.
وقد خلصت الكتب التى دونت السنة حتى وصلت إلى أرقى درجات النقاء والصحة حيث جمعت الأحاديث ذات الموضوع الواحد ، والمشتركة فى درجة القوة من حيث الرواية والسند فى الباب الواحد حتى وصلت إلى كتب الصحاح التى جمعت بين الوحدة والقوة ، وكان هذا فضل الله الذى قيض رجالا حافظوا وحفظوا عمادا ومصدرا أساسيا لدينه وللفقه فى الأوان الذى أراده دافعا المخاطر عنها فثبتت وحفظت بفضله