حاليا أستعد لخوض إمتحانات تيرم أول كلية الحقوق - دعواتكم بالتيسير والتوفيق - وبما أن المادة الأولى بعد غد وهى مدخل الفقه الإسلامى (تاريخ التشريع وأهم النظريات الفقهية) للدكتور محمد نجيب عوضين وجدت بعض الأسئلة وإجاباتها التى أظن أن من الأفضل مشاركتها مع الغير وسأقسمها إلى عدة أجزاء منعا للإطالة التى لا يحبذها البعض
قارن بين مدرستى الحديث والرأى من حيث المكان
والطبيعة والمصدر ؟
الإجابـــــــة
أولا : مدرسة الحديث (مدرسة المدينة) :
وكان مركز هذه المدرسة بالحجاز وعاصمتــه المدينة المنورة ذلك لأنهـا : -
بلــد الهجــرة - مركــز مـن مراكـز الوحى - مستقر الرسول .
موطن نزول الأحكام كما أنها كانت مأوى الفقهاء تحت رعاية الخلفاء الراشدين
المحافظين على السنة .
وظلت محافظة على مركزها هذا إلى عهد طويل حتى بعد إنتقال عاصمة الخلافة
منها فكانت مبعث النهضة الفقهية ومركز اشعاعها .
وكان مؤسسوا هذه المدرسة من كبار فقهاء المدينة ، ويعتبرون مرجعا فى معرفة
السنة والفقه بل كان الأثر البعيد لهذه المدرسة على أئمة المذاهب الفقهية فيما بعد
.
طابع هذه
المدرسة :
وكان يميز هذه المدرسة الوقوف عند النصوص والأحاديث . فكل قضية تعرض عليهم
يعرضونها على كتاب الله ثم سنة رسوله ولا يلجئون إلى الرأى إلا إذا لم يجــدوا فـى
النصوص - وقد يتوقفون عن اللجوء للرأى.
لهذا كان إهتمامهم بكل الأحاديث حتى ولو لم تكن مشهورة وقدموها على الرأى .
أسباب
إعتماد هذه المدرسة على الحديث :
1-
كثرة الأحاديث بين أيديهم لأنها البلد التى
عاش فيها الرسول وصحبه ، ومن بعده الخلفاء الراشدون - وكان رأى
أهل هذه المدرسة أن أهل المدينة هم أحفظ الناس للحديث والفقه وفتاوى الخلفاء
الراشدين والصحابة فقام رؤوس هذه المدرسة بجمع كل ذلك ووجدوا فى هذا استغناء عن
الرأى .
2-
قلة الحوادث الجديدة التى لم يصدر فيها حكم من
الخلفاء والصحابة معهم لأنه لم يحدث تغيير كبير فى البيئة الحجازية ، فلا مشاكل
جديدة .
3-
تأثر أصحاب هذه المدرسة بمنهج علمائهم
وأساتذتهم المتعلقين بالأحاديث والآثار .
أثر هذه
المدرسة على الفقه :
كان لهذه المدرسة أكبر الفضل فى جمع السنة ، وحفظها، وتطبيقها ، وجمع
الفتاوى والأقضية الصادرة من الصحابة مضيفين إليها إجتهاداتهم والتى كان لها أكبر
الأثر فى التأثير على إجتهاد أئمة المذاهب الفقهية التى ظهرت فيما بعد وعلى منهج
تدوين السنة .
ثانيا : مدرسة الرأى :
ومركز هذه المدرسة كان بالعراق وعاصمتها العلمية الكوفة حينئذ وكانت تقوم
طريقة فقهاء هذه المدرسة على أساس أن أحكام الفقه معقولة المعنى مبنية على أصول
وعلل تبرر الأحكام ، فعنى أصحاب هذه المدرسة بالبحث عن الحكمة والعلة التى من
أجلها شرع الحكم ودفعهم إلى هذا قلة ماوصل إليهم من أحاديث وآثار يستنبطون منها
أحكام الفقه .
أسباب
اعتماد هذه المدرسة على الرأى :
1-
تأثر البيئة بالمدنيات والثقافات التى كانت
موجودة بها والتى خلقت أمة تعتمد على الجدل والعقل ( كالمدنية الفارسية -
واليونانية ) مما أدى إلى إيجاد الكثير من المشاكل نتيجة إعمال العقل وحاجتها إلى
الحل .
2-
قلة الأحاديث بالعراق - وتواجد أكثر الرواة
بالحجاز موطن الرسول ، والصحابة ، والعراق موطن الخوارج والشيعة ، الذين أعملوا
الكثير من الافساد بالكذب على رسول الله فى أحاديثه ، مما صعب طرق قبول الحديث فى
هذه البيئة ، فلم يجدوا مفرا من إستخدام الرأى .
3-
تأثرهم بطريقة معلميهم الذين حضروا قبل ذلك من
الحجاز لتعليمهم أمور دينهم ممن كانوا يميلون أصلا إلى الأخذ بالرأى .
أثر هذه
المدرسة على الفقه :
كان لهذه المدرسة دور كبير فى جمع فتاوى
الصحابة وأقضيتهم وجمعوا مسائل فقهية كثيرة والحلول التى وضعها الفقهاء لها - فى
جميع أبواب الفقه .. بل بدأ الفقه الافتراضى فى الظهور وهو تخيل ما يمكن حدوثه من
مشاكل ووضع الحلول لها ، وكان أصحاب هذه المدرسة لا يخافون من الفتوى - ولكنهم
يكرهون الأخذ بحديث لا يثقون فى صحته .. وقد ظهر دور هذه المدرسة فى المستقبل فى
ظهور أئمة مذاهب فقهية اعتمدوا على العقل والتصور لكل مشاكل الحياة كالامام أبى
حنيفة النعمان الذى كان شيخه من تلاميذ إبراهيم النخعى من زعماء هذه المدرسة .
ونعود لننوه إلى أن هاتين المدرستان لم تنفصلا تماما عن بعضهما فلم ترفض
مدرسة الحديث العمل بالرأى مطلقا والعكس بل رفضت التوسع فيه فقط وغلب عليها طابع
الحديث والأخرى كذلك فقد كان من أهل الحجاز من مال إلى الرأى « كربيعة الرأى »
وكان من أهل العراق من كره الرأى وأخذ بالحديث كالشعبى .
تلك كانت النتيجة الأساسية التى أثرت فى الفقه وساعدت على المنافسة والنشاط
والتى ترتبت على انتشار وتفرق فقهاء المسلمين فى الأمصار بعد أن خف القيد على
تحركهم وزيادة الفتوحات والتفرق السياسى الذى ساعد على ذلك .