يقول البعض أننى أهرب من الواقع الذى نحياه عن طريق أحلام اليقظة والكتابة عن المشاعر والأحاسيس واعترف بعيشى على كوكب الأحلام معظم يومى ولهذا حكمة فالعيش فى هذا الكوكب يتيح لك القدرة على رؤية واقعك بوضوح بعيدا عن المزايدات والإحباطات واليأس الذى يدب قلوب البعض مما يجعلهم يبثونه فيمن حولهم وهذا هو ما يريده صاحب القرار الآن لسبب بسيط جدا هو مادمت واقع تحت تأثير تلك الأجواء سترى ما يريد صاحب القرار أن تراه وهو بذلك يقوم بتوجيهك إلى الوجهة التى قررها لك هو وهو مايجعلك تشارك دون تدرى فى مسرحية رسمت أدوارها بعناية فائقة لكل شخص دور يقوم به سواء بكامل إرادته أو مدفوع إلى هذا الدور دفعا!
قد تقول عزيزى القارئ كلا لا يوجد أدوار بل ما نحن فيه الآن هو نتيجة عشوائية كاملة تضرب مصرنا ولا أحد يدرى إلى أين تتجه مصر! وأنا أشاركك هذا الرأى أحيانا لكن هل فعلا لا يوجد أحد فى أرجاء المحروسة لا يعرف إجابة السؤال الذى حير الجميع مصر إلى أين؟! الإجابة بنعم تعنى أمراً واحداً أن مصر بتعدداها البالغ 90 مليون ليس إلا مجموعة من الفشلة والجهلة وهو ما أعتقد أنه أمر مستحيل فى بلد الفراعنة وأظن أنك تؤيدنى فى أن الساحة المصرية بها بعض الفرق يلعب كلا منها لصالح نفسه فقط رغبة للوصول لهدف وضعه كلا فريق نصب عينيه لكن تحدث تحالفات أحيانا بين البعض لمواجهة فريق مضاد لهم فى الهدف فالتحالف لبعض الوقت لإزاحة منافس أمر لابد منه وفى النهاية يتصارع الحلفاء معا مثلما كان يحدث فى عهد فتوات الحارة قديما والغريب أن البعض يتحاكى بالتاريخ كما كانوا قديما يعزفون على الربابة لسرد حكاوى التاريخ لكن لا أحد يرغب فى تدبر تلك الحكاوى القادمة من الماضى متعللين بأن الظروف غير الظروف وهذا صحيحا نوعا إنما الجوهر واحد!
الآن ماذا أريد أن أقول عن واقعنا المرير كما يظن كثيرون؟! أقول ما أشبه الليلة بالبارحة فالطريق اليوم يذكرنى بأحداث حرب أكتوبر1973
فالثورة قامت بهز أركان النظام وأحدثت بعض الرجة التى غيرت من الموقف العام للنظام السابق كما قامت الحرب بتغيير حالة اللاحرب واللا سلم ولكن الثورة لها فترة تواجه محاولة تقويض نظرا لإستعادة الحزب المنحل بعض قوته ولتغلغل الفساد داخل أرجاء المعمورة وهو ما يستحيل نزع جذوره فى سنة أو اثنتين! وكذلك غياب الغطاء الشعبى رغبة فى الإستقرار حتى وإن كان استقرار فى القاع ! مثلما حدث بعد تطوير الهجوم الذى حدث فى ظل غياب لمظلة الدفاع الجوى مما أدى إلى حدوث خسائر للقوات ففتحت طريقا للثغرة التى كانت تهدف لتقويض نصر أكتوبر وبعدها حدث حالة وقف للزحف الثورى وفقدت المليونيات مفعولها وإن حدث تنظيم بعض المليونيات مثلما كان يحدث أثناء وقف إطلاق النار وفقدت الحرب جدواها وأصبح السبيل هو الجلوس على مائدة المفاوضات وهو ماحدث فى كامب ديفيد وأثناء المفاوضات حدث تعثر أحيانا وإنسحابات من فريق التفاوض أحيانا ولكن فى نهاية تم توقيع الإتفاقية التى أحدثت جدلا فى حينه ولازال هناك بعض الأصوات التى تقول أن هذه الإتفاقية بها بنود خفية تضر بتنمية سيناء وهو ما لا أجد مبرراته فى المعاهدة بل فيمن حكم مصر بعد مقتل السادات ولم يسعى لتنمية سيناء! قد تتفق أو تختلف معى قارئ العزيزى حول اتفاقية كامب ديفيد لكن لا يمكن أن تنكر أن سيناء أرض مصرية وتخضع للسيادة المصرية وهو مايمثل نجاحا للسادات فى ظل معطيات تلك الفترة فإستعادة سيناء كاملة هو نجاح أما عدم الإستفادة من سيناء هو فشل !
نرجع إلى ثورتنا المصرية التى تحتاج مفاوض ماكر وعلى قدر من الوعى للوصول لمرحلة الجلوس على مائدة المفاوضات ويكون قادر على إنتزاع مطالب الثورة من الكيان القائم بنفس نهج السادات فى كامب ديفيد وإذا كان أحسن من السادات فيا ألف أهلا وسهلا ! المهم أن تحصل على ماتريد مع إعطاء الآخر الشكل الذى يجعله يشعر أنه خرج منتصرا مثلك لأن لا أحد يقبل أن يخرج مهزوما وإن كنت أرى أن الأمر هو محاولة تقليل الخسائر للطرفين وهذا فى الحرب والسياسة مكسب !
السؤال يقول من هو الفارس المنتظر الذى يستطيع ذلك؟ الإجابة أننا لا نملك هذا الفارس رغم وجود بعض صفاته لدى الدكتور محمد البرادعى لكن هنالك معوقات تحول بينه وبين هذا الدور جزء يتعلق به وأجزاء تتعلق بالشعب وأطيافه السياسية فما العمل إذن؟! الحل هو تحالف القوى السياسية بأطرافها المتصارعة مع البرادعى لتحقيق بعض مكاسب الثورة التى تضاف لما حققته فعليا وما علينا أن نؤمن بما حققناه ونقف على أرض راسخة واثقة منه ونسعى لإستكمال الأهداف واضعين أملنا على الأجيال القادمة لتحقيق أحلامنا فجيلنا أحدث ما عجزت عنه أجيال لكن الفساد أضخم وأوسع مما نتخيل ومحاربته تحتاج أعوام وأعوام !!
يا سادة إستعادة سيناء احتاجت انتصار ثم ثغرة ثم وقف إطلاق النار ثم مفاوضات ثم معاهدة كامب ديفيد التى من خلالها رحل آخر جندى إسرائيلى عن أرض سيناء اللهم إلا أرض طابا التى جائت عن طريق محكمة العدل الدولية إذن طريق الحق طويل ويحتاج إلى تنوع فى الأسلوب ولكل مرحلة أسلوبها الذى يتناسب معها!
أطلت الحديث عليكم وأفتقدت كوكبى لذلك سأختم بمقولات لنجيب محفوظ
* أهل الحارة جبناء دائما مع الغالب يعشقون القوة حتى ضحايا القوة يرون فيها الخلاص!
* الخوف لا يمنع الموت فالخوف يمنع الحياة !
* العدل والرحمة هما السبيل إلى السعادة !
* قد لايعترف الناس بفضلك أثناء حياتك لكن الخير الذى تصنعه خلال حياتك هو ما يجعلك ميتا حيا حتى مع تعاقب الأيام !