فى 31 من يوليو 2013 كنت أتناقش مع مديرى الإيطالى حول الأحداث المصرية خاصة أنه متابع جيد لها ولايمل من متابعة ما يحدث على عكسى وكان من ضمن حديثنا التطرق للحديث عن الديمقراطية وهل فعلا موجودة أم أنها تمثيلية أو مسرحية يشارك فيها الجميع ظنا منهم أنهم يمارسونها وليسوا قائمين بأدوار مرسومة لهم لا أكثر مع وجود مساحة ضئيلة للخروج عن النص؟!
فى الغرب نرى أن هناك ديمقراطية هكذا قرأنا ورأينا تداول للسلطة وتعدد للأحزاب يختلف نظامه من بلد لآخر أمريكا وانجلترا تتبع نظام الحزبين الكبيرين مع وجود أحزاب صغيرة غير ذات تأثير وألمانيا نظام الحزبين والثلث وفرنسا أحزاب صغيرة تتحالف فيما بينها لتشكيل الحكومة لكى اشرح فكرتى بوضوح سأركز على ملمح فى النظام البريطانى والنظام الأمريكى بعيد عن الدخول فى تفاصيل نشأة الأحزاب ووظائفها وأنواعها ونظمها لأن هذا ليس مجاله
فى النظام البريطانى
هناك حزبان حزب العمال وحزب المحافظين وهما الحزبان الأكبر والأكثر تأثيراً حزب العمال خرج من عباءة نقابات العمال ويركز فى مساعيه نحو تحقيق مصالح هذه الفئة لأنها هى من تدعمه من مال وأصوات أما حزب المحافظين فهو يمثل الوجه الآخرفهو يمثل أصحاب الأعمال
فى النظام الأمريكى
هناك حزبان الحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى لكن هناك لاعب رئيسى فى السياسة الأمريكية ألا وهو جماعات الضغط وجماعات الضغط لاتهدف للوصول للسلطة إنما تسعى للتأثير على من هم فى السلطة لتحقيق مصالح هذه الجماعة لهذا إذا نظرنا للحملات الدعائية ﻹنتخابات الرئاسة بشكل خاص والإنتخابات بشكل عام الممولة يجعل دائما هناك مقابل للدعم فشركات السلاح فى أمريكا مثلا تقف عائق أمام محاولات الحكومة لتقنين حمل السلاح!
ومن هذا المنظور هل يفرض المجتمع رغبته أم أن صاحب المصلحة يستخدم ما يملك لفرض أجندته بغض النظر عن الشعب؟! ما أراه هو أن مايميز الغرب هو وجود مؤسسات راسخة لديها إستقلال أو هناك فصل كامل بين السلطات وهذا ما نفتقده هنا اللهم إلا مؤسسة الجيش فقط!
وافقنى مديرى فيما أقول أن الأمر يصبح مثل مسرحية كل ممثل عليه دور يؤديه أما الديمقراطية التى نقرأ عنها حبيسة الكتب التى نقرأها!
بالنسبة للإنتخاب فى مصر وتأثير انخفاض مستوى التعليم مما يؤثر على الوعى قال لى مديرى أنه قرأ مقال ما يطالب بإقتصار اﻹنتخاب على خريجى الجامعات وهو يرى أنها تجربة حدثت من قبل فى بعض الدول حيث قصرت اﻹنتخاب على بعض فئات المجتمع ثم مع إنتشار الوعى والتعليم تم تقليص هذا الوضع الطبقى.
قلت له إن مثل هذه الدعوات لدينا تهاجم بتهمة الطبقية وأن من حق الشعب كله ممارسة الإنتخاب حتى وإن أثر على البلد ككل كما أن هناك للأسف بعض أصحاب الشهادات العليا لا يفقهون شيئا فى السياسة بعكس بعض المواطنين غير المتعلمين الذين يعون بشكل رائع الأوضاع السياسية لكن ما تقول يطرح سؤال هل بداية الديمقراطية فى الغرب كانت مثالية كما يروج البعض مع الوضع فى اﻹعتبار ذكرنا لدور جماعات الضغط؟!
للأسف نحن نستورد النموذج الغربى بإصداره اﻷخير دون رؤية لمراحل تطوره على مر الزمان مع مقارنة فى أى مرحلة نقع نحن من عملية التطور كى نبدأ منها
طبيعة مصر منذ قديم الزمان هى إدارة الرجل الواحد one man show لهذا أرى أن كل بلد عليها دراسة تاريخها وفرض نموذجها الخاص مع تدرج فى التغيير
ﻷسف نحن نريد القفز على التاريخ والبدء من حيث انتهى اﻵخرون مع أننا لم نكن نسير معهم فى مراحل تطورهم نفس اﻷمر ينطبق على من يسعى لتطبيق النماذج الخليجية فى مصر يعانى نفس معاناة الداعى للسير على خطى الغرب !
لايمكن استنساخ نموذج وتطبيقه كما هو فى بلد دون فهم لطبيعة وتاريخ هذا البلد
وبالرجوع إلى مصر نرى أن دعوة نبى الله موسى كانت إلى فرعون عكس دعوة اﻷنبياء والرسل الآخرين كانت ﻷقوام لماذا؟! لأن فى مصر إذا انصلح الرأس انصلح الجسد هذه الطبيعة تفرض علينا إعادة النظر فيما نريده هل نريد ديمقراطية ونموذج غربى أم ما نريده هو شعار الثورة عيش حرية عدالة إجتماعية؟!
أعتقد أن لا أحد يختلف أننا نريد عيش حرية عدالة إجتماعية إذاً كيف نجعل الشعار واقع؟! ولماذا اختزلناه فى النموذج الغربى للديمقراطية؟!
سؤال آخر يجب أن نجيبه بصراحة هل لو كان الرئيس مستبد يحقق نهضة فى جميع مجالات الحياة مع تحقيق عيش حرية عدالة إجتماعية سنسعى للنموذج الغربى؟!
لو كان مبارك أغلق ماسورة الفساد وحقق عدالة إجتماعية مع بعض تعديلات دستورية لا تعوق إمكانية ترشحه أكثر من مرة هل كانت ستقوم ثورة عليه؟!
أعتقد وأكاد أجزم أن مبارك لو كان فعل ذلك لخرجت اﻷغلبية ﻹجلاس نجله على كرسى الحكم !
قد يكون حديثى هذا صادم لكن هذا ما نحتاجه فنحن بحاجة ﻹعادة تفكير فى النموذج الذى نريده والهدف منه وهل المهم النموذج أم الهدف؟!
وجهة نظرى الشخصية أننا فى حاجة إلى المستبد المستنير وهو ما يناسب طبيعة تاريخنا على اﻷقل إلى حين تحقيق النهضة أو الطفرة التى نرغب فيها! فهل نظرنا للنموذج الماليزى والسنغافورى ومدة حكم رؤساء الوزراء هناك وما تم تحقيقه فى هذه البلاد؟! أعتقد أننا فى حاجة للنظر شرقا لا غربا لتشابه بعض الظروف مع الوضع فى اﻹعتبار أننا فى حاجة إلى نموذج مصرى هاضم لتجربة الغير وليس مستنسخا !
اتفق معى مديرى فى رؤيتى مع تحفظه على نظرية المستبد أو الديكتاتور العادل المستنير ﻷنه يرى صعوبة الجمع بين اﻹثنين!
هل نستطيع أن نقدم نموذجنا الخاص بنا؟! أعتقد ممكن إذا درسنا تاريخنا وفهمناه وسعينا نحو اﻷهداف دون التوقف كثيرا أمام قضية الوسيلة النموذج فبالتجربة يتعلم اﻹنسان وبالعلم يحقق نهضته ولاتعارض بين اﻹثنين لكننا للأسف نتحرك فى الوضع واقفا !
ما سبق كان مضمون تغريدات كتبت فى 31 يوليو 2013 وهى إعادة تفكير قد تختلف أو تتفق معى لكننى أرى أننا فى حاجة لمراجعة أفكارنا حتى وإن ظن البعض أن فيها نزعة رجعية أو ردة عن الديمقراطية !
أختم بهذا المقطع من كتاب النظم السياسية للدكتورة سعاد الشرقاوى:
الديمقراطية تتكون من مقطعين مستمدين من اللغة اليونانية Demos بمعنى شعب Cratos بمعنى حكم أو سلطة أى أن الكلمة تعنى حكم الشعب أو سلطة الشعب وبصفة عامة الديمقراطية هى الحكومة التى يساهم فيها أكبر عدد من أفراد الشعب أو كما عرفها لينكولن هى حكم الشعب بالشعب للشعب والديمقراطية تقوم على الحرية والمساواة.
الديمقراطية الليبرالية تغلب فيها الحرية و الديمقراطية الماركسية المساواة لها الأولوية ونظراً لعدم تحقيق المفهومين مطالب الشعوب يجب الإجتهاد لإيجاد طريق خاص بكل مجتمع لتحقيق الديمقراطية!