أنا أفكر إذن أنا موجود ذلك هو مبدأ ديكارت الذى وصل إليه بعد أن شك فى كل شئ ولم يجد سوى الفكر ليثبت به وجوده وكان يعتقد بأن الحواس والغرائز تخدع الإنسان وأن بالعقل وحده يمكن الوصول إلى جوهر الحقيقة فشك ديكارت فى كل شئ إلا عقله لأنه أداة لممارسة الشك وبما أن فعل الشك يحتاج إلى فاعل يقوم به فإننى موجود فلا أستطيع أن أشك فى وجودى حيث أننى أنا من يمارس الشك ومن هنا ظهر مبدأ ديكارت أنا اشك إذن أنا موجود وبما أن الشك نشاط فكرى وهو مرحلة من مراحل التفكير تم صياغة المبدأ إلى أنا أفكر إذن أنا موجود
لكن علماء الوقت الحالي أثبتوا بطلانها وعدم صحتها حيث ليس من الضرورة أن يكون الشيئ يفكر حتى
يكون موجودا فمثلا الإنسان المجنون موجود لكنه لا يفكر وكثير من المهمشين في الحياة
موجودين يأكلون ويشربون لكنهم لا يفكرون إذن الصحيح أن نقول ( أنا
موجود إذن أنا أفكر ) ربما تسألني فهل الإنسان المجنون الذي هو موجود يفكر أقول لك
نعم هو يفكر بطريقته المجنونة والمهمش يفكر بطريقته التي تجعله فقط يعيش يأكل
ويشرب فقط
تلك كانت مقدمة قرأتها خلال محاولة الكتابة عن سؤال تبادر إلى الذهن لماذا أصبحنا نشك فى كل شئ فى النوايا فى التفكير فى الإتجاه فى الأشخاص سواء كانوا غير مقربين أو مقربين؟؟!! نعم هناك الكثير من الأمثلة السيئة الموجودة فى المجتمع لكن هناك الكثير من الأمثلة الجيدة أيضا لماذا نقدم سوء الظن على حسن النية مع أن الأديان تحثنا على العكس فقال تعالى "واجتنبوا كثيرا من الظن فإن بعض الظن إثم" لكن مع هذا نلجأ لسوء الظن ونعدد المبررات التى تدافع عن وجهة نظرنا ولكن بمجرد أن نعكس الآية ونكون نحن محل سوء الظن أو الشك نتعجب ونندهش ونستنكر ذلك !!! شئ عجيب هو ذلك الإنسان يحل لنفسه ما يشاء ويحرم على غيره ما يشاء !!!
نعم لا يمكن أن يكون هناك ثقة مطلقة لأن فيها مفسدة ولكن متى نلجأ لسوء الظن؟ هذا هو السؤال الذى يحتاج إلى إجابة فالفطرة الإنسانية هى أن تكون حسن الظن إلى أن يثبت العكس أو تكون هناك مؤشرات ودلائل تثير فى داخلك الشك والريبة عندها نكون أمام خيارين يجب أن نلجأ لأحدهما كى نصل لحقيقة الأمر أو كى تهدأ تلك الظنون المشتعلة بالعقول الخيار الأول هو المكاشفة المصراحة المناقشة والخيار الثانى هو التربص وجمع الأدلة ويفضل البدء بالخيار الأول لأنه يدل على البحث عن أجوبة ويبعث رسالة مفادها أثق بك لكن أحتاج لإجابات تزيد من هذه الثقة وتكسر أى حواجز قد تظهر على السطح دون أن ندرى مما قد يزيد هذه الحواجز مع الوقت إذا لم نهدمها أول بأول وإذا لم تفى هذه الأجوبة وأثارت المزيد من التساؤلات أطرحها دون تكتم أو تخوف إلى أن تصل إلى نقطة معينة قد تكون فيها نهاية الأسئلة والظنون أو تصبح بداية للخيار الثانى ولكن علينا أن نحذر الوقوع فى دائرة الشك المرضى وهذا يقودنا إلى تساؤل جديد ما هو الفارق بين الشك الصحى والشك المرضى؟
الشك الصحى هو الحيطة والحذر من قدر الناس والخوف من الوقوع فى المشاكل أما الشك المرضى فهو كالمرض الخبيث إذا تمكن من الإنسان لا يتركه ويعانى صاحبه دائما من أوهام الإضطهاد وهذا النوع لا يصاحب الإنسان منذ صغره ولا يشمل جميع جوانب الحياة بل يركز على فكرة معينة تصل إلى درجة كبيرة من الإعتقاد الداخلى بصحتها وحتى يحاول أن يرسخ تلك الفكرة يجمع الأدلة والبراهين ويحللها بما يثبت فكرته ومهما حاول المقربون منه بتغيير هذه الفكرة لا يغيرها ويتصرف فى جميع أموره بناء على تصوره الخاطئ النابع من داخله وما يزيد حياته شقاء هو أنه لايستثنى أحد من دائرة شكه سواء كان زوج أو زوجة أخ أو أخت حتى الأبناء لا يأمن لهم ولا تنسى عزيزى القارئ أن كثرة الشك ستؤدى بك إلى أن تصبح دبوس فى حياتك وحياة الآخرين مما يجعلهم يتجنبوك
قد يرى البعض أننى بذلك التساؤل أزيد الأمور تعقيداً حيث كيف يمكن أن نرى تلك الشعرة الفارقة بين الشك الصحى والشك المرضى؟ والإجابة تكمن داخل الشخص نفسه فدائما وأبدا فطرتك تدلك على ما هو صحيح وما هو خاطئ لكننا أحيانا نتغاضى عن ذلك الشعور الداخلى ونسير فى الإتجاه الذى يلاقى صدى الهوى فمهما بعدت عن الحقيقة وزاد الضباب من رؤيتها تجد الفطرة ترشدك إليها لكن هل يمكن أن نستمع لتلك الأصوات القادمة من أعماقنا؟ هل يمكن أن نأخذ مساحة من أوقاتنا لنتباحث مع تلك الأصوات فى أى مشكلة نقع فيها؟ هل لا يوجد أحد نستطيع أن نثق به فى حياتنا؟ هذه الأسئلة يجيب عنها كل منا بينه وبين نفسه عندها سيصل إلى شاطئ الراحة والهدوء